“لن نسامح، لن نبيع، ولن نوافق على التطبيع”، بهذه العبارة واجه طلاب الجامعة الأميركية في بيروت، أمس الثلاثاء، الدكتور الأميركيّ جيف ماكماهان الذي استدعته إدارة الجامعة لإلقاء محاضرة عن “إعادة النظر في أخلاقيات الحرب”، فانقلبت المحاضرة، ليعطي هؤلاء الطلاب باعتصامهم واعتراضهم درساً أقوى في الأخلاقيات من “فلسفة” المطبّعين.حملوا العلم الفلسطينيّ، وهتفوا بعبارات تدعم القضية الفلسطينية وتناهض التطبيع… قاطع الطلاب المحاضرة بهدف إلغاءها، فطُلب منهم المغادرة، وللراغبين البقاء، وأتى الجواب سريعاً “نحن طلاب الجامعة وأهلها، ومن عليه الخروج من هذه القاعة هو ماكماهان”.
وأكد أحد الطلاب المنظمين للاعتصام ، أنّ “المحاضرة أُعلن عنها قبل وقت قصير، وأنهم علموا بالصدفة بعد بالبحث عن اسم المحاضر وصفته أنّه مستشار لجامعة إسرائيلية، لذا قرروا تنظيم الاعتصام بعد تواصلهم مع المنظمين الذين لم يتجاوبوا”.وأوضح الطالب أنّهم “أرسلوا رسالة إلى منظم المحاضرة الدكتور بشار حيدر وأبلغوه فيها موقفهم، فرد عليهم بإحترامه لرأيهم لكن دون مشاركته له، مبرراً استضافة ماكمهان باعتبار أنّه غير إسرائيليّ وأن الجامعة لم تتعامل مع مؤسسة إسرائيلية”.وسبق لطلاب النادي الثقافي الجنوبي والنادي الثقافي الفلسطيني ونادي السنديانة الحمراء في الجامعة، والذين نظمّوا الإعتصام، أن أرسلوا إلى الدكتور ماكماهان بريداً إلكترونياً، دعوه فيه إلى الإنسحاب من المحاضرة ومساندة موقفهم الرافض للتطبيع، ليعتبر ماكماهان في رده المطوّل أنّ “مقاطعة الأكاديميين الإسرائيليين هو شكل من أشكال العقاب الجماعي، وهو ظلم”، ليضيف: “أنا أقف إلى جانبكم في الإيمان بأن معاملة الحكومة الإسرائيلية للفلسطينيين كانت دائماً ظالمة للغاية، لكن أنا اختلف معكم حول التكتيكات التي تستخدمونها لتحقيق العدالة للفلسطينيين”.
وأكد الطلاب في بيانهم خلال الاعتصام، إدانتهم “استضافة أستاذ ملتحق حالياً بمؤسسة إسرائيلية، لأنه مساهم مباشر في إضفاء الشرعية على الكيان الإسرائيلي، وشرعية إسرائيل ليست مسألة نناقشها من وجهة نظرنا”. وأضاف البيان: “ليس هناك حق لإسرائيل في الوجود، إنّها كيان استعماري، وفي هذا الصراع تحديدًا، هناك جانبان فقط، إمّا مؤيّد لحق الفلسطينيين في السيادة الكاملة على أراضيهم، أو لدولة إسرائيل الاستعمارية”. وتوجه البيان في ختامه إلى ماكماهان بالقول: “نود التأكيد على أنك غير مرحب بك هنا”.
اختصر ماكماهان إذاً مسألة صراعنا مع العدو الإسرائيلي فقط بالمعاملة الظالمة تجاه فلسطين، لكن ما يعرفه جيداً ويتجاهله وهو واقف ليحاضر عن أخلاقيات الحرب، أنّ “إسرائيل” اغتصبت الأرض الفلسطينية واستوطنتها، وتقتل الفلسطينيين وتشردهم منذ عقود، واحتلت أراضٍ لبنانية وسورية ومصرية، فأيّ أخلاقيات يُمكن أن يعلّمها أستاذ يحاضر في جامعة اسرائيلية، لطلاب لبنانيين تعنيهم فلسطين كلبنان وأكثر؟
كما وما الذي توّقعه مستشار قسم الفلسفة في الجامعة العبرية في القدس أن يحصل عندما يقف ليحاضر عن “أخلاقيات الحرب” أمام طلاب لبنانيين، قد يكون منهم أبناء أو إخوة أو أصدقاء شهداء، أو على الأقل هم طلاب تشبعوا ألماً بسبب ما عايشه بلدهم من حروب ومما تعيشه فلسطين من مآسي؟.