سنحكم سنرحم #منبركم ميثم م

كتب ميثم م.

سنحكم

سنرحم

اعتادت هذه المنطقة على الأقل منذ الف عام وإلى الآن على تعاقب المستعمرين والغزاة والحكام الجائرين ولم يحكمها أهلها قط إلى اليوم فقد تعاقب على حكمها الفاطميون والسلاجقة والصليبيون والايوبيون والمماليك والعثمانيون والفرنسيون ثم إسرائيل…

إلى أن انتصرت المقاومة في لبنان بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران لينتج بعد ذلك تشكل محور المقاومة إيران سوريا ولبنان أضف عليه العراق بعد الانسحاب الأميركي وهزيمة داعش .

كنا سابقا نعتبر التحرير حلما فاطال الله بعمر أجيال لتشهد الانسحاب الإسرائيلي المذل حتى اجتمعت بعد سنوات دول ودول في حرب تموز لرسم الشرق الأوسط الجديد وإذا بالمقاومة تصمد فتنتصر
فزاد مستوى التحدي والخطر من خلال فتنة مذهبية أشعلت الشام والعراق ربما تفوقت على كل وسائل العدوان السابقة من حيث كم الخسائر البشرية والكيف .

وإذا بالمقاومة تنتصر

خلال بدايات هذه الحرب ،. اجتمع احد قادة المقاومة الكبار مع عدد من كوادرها وأخذ يحدثهم عن تاريخ الصراع بين الحق والباطل إلى أن وصل للحاضر ليرسم صورة محتملة عن المستقبل يرى فيها أن المقاومة ستحكم الإقليم ولذا لا بد من التجهيز والإعداد لا أمنيا وعسكريا إنما على مستوى الكوادر إذ أنه قد يطلب من أي عنصر في المقاومة استلام قيادة منطقة أو مدينة…

طبعا بعض الحاضرين وربما أكثرهم هزأ من الرجل فهو بنظرهم أقرب إلى مخرجي بوليوود بهذا السيناريو المفترض إذ وقتها لم يكن قد بقي من سوريا سوى جزء من العاصمة وبعض المربعات

صمدت المقاومة وحاربت في سوريا وبجهد الحلفاء والتدخل الروسي وعدة عوامل انتصرت ثم انسحبت انتصاراتها في العراق ثم انفجرت بعد ذلك قوتها في اليمن ورغم فرض عدوان غشوم عليها مستمر إلا أنها لا شك منتصرة وستظهر الايام ان دور اليمن دور فاعل جدا

لماذا.؟

الحروب كلها تنطلق من نزعات اقتصادية والاقتصاد اليوم قائم على عدة عوامل ومن أهمها تأمين طرق تصريف الإنتاج (. بر بحر جو.). وتعتبر الطرق البحرية من أهم الطرق الاقتصادية ولذا فإن الصراع منذ أن تشكلت الطرق البحرية قائم على السيطرة اساسا على المياه الدافئة

من يسيطر على هذه المياه فقد سيطر على طرق الاقتصاد العالمي ومن هنا جاءت أهمية المضائق كمضيق جبل طارق الذي يوصل الأطلسي بالمتوسط ومضيقي الدردنيل والبوسفور الواصلان بين البحر الأسود والمتوسط والدور التركي البارز في المنطقة يعود جزء منه إلى سيطرتها على هذين المضيقين ،. ومضيق باب المندب في اليمن الواصل بين المحيط الهادي والبحر الأحمر ( من أهم أسباب العدوان السعودي هو السيطرة على باب المندب والكل يتذكر مدى أهمية هذا المندب حيث كانت ولا تزال القوات الأميركية تتمركز في خليج عدن تحت عدة مسميات من مكافحة الإرهاب إلى مكافحة القرصنة البحرية واليوم تسعى السعودية والإمارات إلى السيطرة بشكل كامل على هذا المضيق) وخطورة هذا المضيق لا تقتصر فقط على تهديد حاملات النفط أو سفن البضائع بل يمكن للمسيطر عليه أن يقطع الطريق بوجه أوروبا وأميركا ناحية الصين وآسيا عسكريا وتجاريا

أما الطرق البرية فلا تقل أهمية خصوصا اذا ما تأمن لها اتفاقات بين الدول التي تمر بها لكنها تحتاج اولا إلى تكاليف عالية من البنى التحتية (. سكك حديدية أو طرق دولية معبدة ). وثانيا إلى أمان تنعم به الدول التي تمر بها هذه الطرق

من هنا سعت الصين مؤخرا للعمل على احياء طريق الحرير لتصريف منتجاتها وايصالها إلى الأسواق العالمية في اسيا وأوروبا وصولا إلى أمريكا.
هذا الخط الذي طالما تغير مساره تاريخيا وفقا لتغير الخارطة السياسية تدفع الصين اليوم مبالغ هائلة جدا تصل إلى التريليونات من الدولارات لتأمين خط الحرير الجديد الذي يعتبر بالواقع خطان بحري وبري

فالبحري لا محال يمر بباب المندب وقناة السويس في مصر ( وهذه الخاصية تعطي أهمية كبيرة لمصر إضافة إلى ميزة مصر التاريخية التي لطالما كانت تعتبر مفتاحا للسيطرة على المنطقة وجغرافيا وهي صلة الوصل بين اسيا وأفريقيا والقريبة من الأقصى وحتى الحجاز )
وأما الطريق البري يمر عبر عدة دول منها ( افغانستان) وصولا إلى سوريا وتركيا

وكلا الطريقان اليوم لا يزالا تحت سيطرة الولايات المتحدة، ولذا فإن أي متغير بهذه الدول التي ذكرت. (. اليمن مصر الحجاز افغانستان سوريا تركيا ) يمكن أن يؤدي إلى تغيير على مستوى العالم لا الإقليم فحسب

وعليه فإن النظر مثلا إلى الانسحاب الأميركي من سوريا لا يمكن أن نحلله فقط كجزء من اتفاق أميركي تركي (. تم الاتفاق بينهما على خلفية قضية خاشقجي أن يتم منح تركيا السيادة على العالم الإسلامي مقابل تفرد السعودية بهذا الأمر ويمكن الوصول إلى هذا الأمر عبر تعزيز دور تركيا في المنطقة من خلال سوريا وتحديدا بيع شرق الفرات والأكراد لها وهو مطمع تركي تاريخي… ) إذ أن أمريكا تدرك انها تبيع تركيا طيرا في الهواء إذ أن انسحابها من سوريا لا يعني بالضرورة حلول تركيا محلها بل قد يكون السابق هو الجيش السوري وهذا ما حدث فعلا وقبل الانسحاب الأميركي حتى من خلال دخول الجيش السوري إلى مدينة منبج التي كانت تعد تركيا العدة لدخولها خلال أيام قادمة .
إذا قضية الانسحاب أكبر من مجرد اتفاق تركي أميركي.،. هي قضية خسارة معركة ( الحرب السورية) فما ننظر إليه على أنه حرب هو بنظر أمريكا معركة وورقة لا تعني خسارتها خسارة الحرب الكبرى
بل قد يستتبع هذا الانسحاب من سوريا انسحاب آخر ستكون تبعاته أعظم بكثير من الاول انه الانسحاب من أفغانستان
فإذا كان الذي سيملا الفراغ في سوريا هو الروسي في التنف والجيش السوري في منبج وربما الرقة
فإن من سيملأ الفراغ الأميركي في أفغانستان قد يكون الجار الاقرب إليها اي إيران لا بالحضور العسكري المباشر بل على غرار الطريقة العراقية (. ميليشيات الحشد وفصائل المقاومة والقيادات الأمنية والعسكرية المؤيدة لإيران والتي تتغلغل بتلك المؤسسات إضافة إلى انفتاح السوق للبضائع الإيرانية والإعلام والمكتبات للثقافة تلك )
هكذا تكون الطريق البرية لطريق الحرير الجديد شبه جاهزة لاستقبال الصيني وهذا المتغير الاقتصادي سيكون ركيزة لتحولات سياسية كبيرة ضد الولايات المتحدة ما يفتح باب التحدي الكبير لكوادر محور المقاومة في ادارتهم للمنطقة وطرح سؤال إمكان احرازهم لانتصارات إدارية سياسية اقتصادية ام الاقتصار على التضحيات العسكرية التي صنعت انتصارات عجائبية

وإذا كان طريق البر في طريقه للتأمين فإن الطريق البحري يمشي معه متوازيا فقضية السيطرة على باب المندب من قبل محور المقاومة ليست مستهجنة ولا هي بالمستعبدة وبها يمتلك المحور مضيقا ثانيا بعد مضيق هرمز (. يربط الخليج الفارسي بالمحيط)

لتبق قناة السويس التي لا يمكن أن تخرج عن دائرة السيطرة الأميركية ما لم يحدث تغييرا كبيرا في مصر (. هذه القضية لا يمكن استبعادها إذ أن مصر كما غيرها من الدول الأفريقية قد تكون مسرحا متجددا لثورات جديدة أو تحولات سياسية نظرا للتاثر بنتائج الصراع الذي بات يحسم شيئا فشيئا لمصلحة المقاومة من جهة والظروف الاقتصادية والاجتماعية من جهة ثانية وتأثير القضية الفلسطينية التي تعود بفضل المقاومة إلى الواجهة.)

يرفع نتنياهو اليوم الصوت عاليا من خلال حفر الأنفاق تارة وغارات استعراضية تارة أخرى ليدفع عما اغتصبه حربا بات لا يمتلك المبادرة لاشعالها وهو يستفيد بنفس الوقت من عدم إمكان محور المقاومة اشعالها أيضا لكنه يعرف بذلك انهم سيمتلكون هذه المبادرة ربما غدا أو بعد عام ( هذا يتوقف على تسارع الأحداث وقدر التحولات في المنطقة.)

اليوم بات يتحول الحلم شيئا فشيئا إلى حقيقة ،. لقد كانت تجربة تحرير ال 2000 كنموذج مصغر عما يمكن أن يجعله الله بين يدينا. (. لكن وقتها كان إنجاز التحرير هو الأعظم.). بعد ذلك جاءت تجربة تموز 2006 تجربة للشعور بإمكان مقارعة الخصم وصرعه ،. أتت بعدها التجربة الاشنع والاقبح والأصعب والاقسى وهي الحرب المذهبية التي تعني لمن تخطاها انه قادر على تخطي أي شيء لكنه ربما يحتاج إلى بعض الوقت وقليل من الظروف المغايرة ليصنع فيما بعد حلما آخر وهو تحرير فلسطين كل فلسطين ثم يحكم المنطقة
لكن هذا اذا حكم
لا كغيره من الحكام والمستعمرين
ان هذا اذا حكم

رحم

مقالات ذات صله