
يوم يفصلنا عن الإستحتقاق الكبير, 24 ساعة و ندخل النفق الإنتخابي و لعلها الساعات الأصعب في حياة لبنان الجديد, قد يسأل البعض لماذا اطلقنا على عملية إنتخابية إسم النفق؟ و الإيجابة بكل بساطة أننا في معركة تقرير المصير , معركة البناء الحقيقي, معركة النهوض من تحت ركام الرعيية الإقتصادية, معركة القيامة من بين أموات الدول العربية المنبطحة تحت نعال المستكبر و المستعمر الذي ما برح يغادرنا بإحتلال عسكري ليدخل من بوابات ديمقراطية و أخرى سيادية تنحاز لفاسد هنا او سفاح هناك و تستقوي بهم على أبناء الوطن و دائماً الستار الديني الطائفي موجود يتمترس حوله من لا يملكون سوى سلاح الجعجة و الحصيلة بلا طحين…
يعاني اللبناني اليوم من صراح حاد بين الوجع المعيشي و الوجع المصيري و الأصعب أنه ليس في حالته الطبيعية ليقرر فعلاً مصيره أو يحسم خياراته القادم و السبب يعود للأيادي السوداء المضللة و نعية الإعلام الضاغط التي جعلت من فئة كبيرة غرتها الشعارات الفضفاضة و الكلمات الرنانة إنطلق من شاشات التحريض و الفتن و شاشات النخاسة الإعلامية حيث بيع عبدة المال أنفسهم لأسياد جدد كلما زاد وزن صرة الدنانير الأميريكة الجديدة..
لماذا التصويب على الأمريكي يقول البعض و قد يصل لحد أعلى من الملكية في الدفاع عن الملك بقوله علينا أن نبدأ من الداخل و الإصلاح و المحاسبة و قطع دابر الفساد و اعدام الفاسدين و الإنتقام و الثورة و غيرها من شعارات و مستلزمات التغيير المزعوم! أي لبنان تريد؟ و هذا سؤال لكل لبناني يقرأ او وصله هذا المقال؟ لكن قبل أن تتسرع بالإجابة دعنا نرسم طريق ولقعي عقلاني برهاني لها…
أنا أريد لبنان سيد حر مستقل له سلطة على كامل حدوده البرية و البحرية و قادر على الدفاع عنها بأي لحظة يفكر فيها أي عدو المساس من شبر واحد في البر و البحر ! أنا أريد لبنان المنتج إقتصادياً القادر على بناء ذاته دون الحاجة إلى إستيراد حتى الهواء من الخارج , لبنان المنتج زراعياً و صناعياً و دوائياً و طبياً و تكنولوجياً و أريد أن أدفع بعملتي المحلية أكبر قدر من التكلفة ! أنا اريد لبنان القوي الذي يملك فيه الجيش الوطني أجدد انواع الأسلحة و اكثرها تطوراً! أنا اريد كهرباء 24/24 و معامل لتوليدها و مياه نظيفة غير ملوثة! أريد قطاع مصرفي متطور يحمي المواطن و يكون سنده , قطاع يبني اللإقتصاد الوطني للدولة! أريد أن أباشر بإستخراخ النفط و الغاز الطبيعي المدفون في المياه! أريد نظام عادل صحياً و تربوياً و إجتماعياً و غيرها و غيرها! و انت ماذا تريد؟ بالطبع كل ما سبق ! و ستبدأ بالسؤال كيف و علينا بالثورة و غيرها من مصطلحات التشارنة او المعارضين الجدد.
أكمل القراءة لعلك تصل إلى جوابك و الأكيد أنك ستصل! من يمتلك أسلحة المراكز الحساسة في الدولة اللبنانية منذ تاسيسها و مسرحية راشيا في تشرين ثاني 1945 و قبلها في مسرحية الاستقلال المزيف 1920. من أسىى لك لبنان و كيف هو حاله اليوم, بكل بساطة اسس لك المستعمر دولة هشة قائمة على مجموعات طائفية دعم بعضها للإستقواء على بعضها الأخر و ربطها بمصالح و إمتيازات و بدأت تنتج الفاسد تلوى الفاسد, و حتى انه نخر بنيان تلك الفئات الضعيفة و جعل من ضعاف النفوس و عبدة المال و الكراسي أسياد على فقرائها و عمالها .و بدأت اللعبة حتى بلغنا ذروة المراحل الصعبة التي تحركها الغرف السوداء و كانت مرحلة المتاريس أشدها فتكاً و على مدار ثلاثون عاماً إنتهت بإطفاق اللابناء و إطفاق اللامنطق الجامع بين الأضاد بين فقراته! و إستمر الحال بالإنكسار و الإنبطاح أمام المستعمر الذي يملك مفاتيح الدولة المنومة سريرياً و يستطيع بأي لحظة أن يحكم عليها بالإعدام… لكن سرعان ما تبدل المشهد و برزت إلى الواجهة رجال تريد أن تبني الدولة الصحيحة التي يعيش فيها كل أبناء الوطن بكرامة, و بدأت بتراكم الإنتصارات تحضيراً للمعركة الكبرى و ها نحن اليوم أمام أكبر تراكم للنحاجات منذ 1982 حتى يومنا, لبنان يملك مقومات الصمود و إستطاع أن يتحول من بوابة ارادها المستعمر إلى لاعب أساسية في شرق المتوسط و رأس حربة في مواجهة الإحتلالات الجديدة و قاوم و انتصر على عدوه الأكبر ” الكيان المؤقت ” و فرض معادالات الردع تحضيراً للنصر الكبير و دحره. و فرض قاعدة جديدة تقول أن لبنان ليس مستعمرة أو ولاية أو محافظة أو إمارة عند أي دولة.
و لنعود إلى الإستحقاق الكبير.. أسأل شريكي في الوطن لماذا يُمنع الجيش اللبناني من ان يكون قوياً؟ و من هي السفيرة التي تتخذ من مقر القيادة محل للإقامة تحت حجة المساعدات الكاذبة! و أسألك من الذي أوعز لشركة توتال إيقاف التنقيب عن الغاز و سارع فور وصول اول باخرة محملة بالمواد النفطية لكسر الحصار أن تسارع و تطلق الوعود الكاذبة لإستجرار الكهرباء من دول أخرى ! من الذي يتحكم بقرارات الإقتصاد و أغلق مصرفين بتهمه تمويل الإرهاب؟ من يحمي الحاكم بأمره زعيم حزب المسارق ( قاف و ليس فاء )…. السفيهة نفسها تجاهر و تتأمر لنزع ذراع القوة في لبنان… إذاً إنها معركة التحرير الثالث…
بإختصار تريد بناء لبنان دولة قوية عليك أولاً ان تكسر ذراع الإستكبار الأمريكي فيها و نبدأ سوياً بمعركة التحرير الرابع و هي معركة تحرير المؤسسات من الفاسدين و نبني حلمنا سوياً…
بقلم علي نقر.